الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***
(طيب) الطاء والياء والباء أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على خلافِ الخَبيث. من ذلك الطيِّب: ضدّ الخبيث. يقال سبيّ طِيبَةٌ، أي طيِّبٌ. والاستطابة: الاستنجاء؛ لأنَّ الرجل يطيِّب نفسَه مما عليه من الخُبث بالاستنجاء. ونهى رسول الله* صلى الله عليه وآله أن يَستَطِيب الرَّجُل بيمينه. والأطيبانِ: الأكل والنِّكاح. وطَيْبَة مدينة الرسول صلى الله عليه وآله. ويقال: هذا طعام مَطْيَبةٌ للنَّفْس. والطَّيِّب:الحلال، والطَّاب: الطِّيب: قال: مُقابَلَ الأعراقِ في الطَّابِ الطَّابْ*** بين أبي العاص وآلِ الخطّابْ
(طيخ) الطاء والياء والخاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تلطّخٍ بغير جميل. قالوا طاخَ يَطِيخُ وتَطيَّخ، إذا تلطَّخ بالقبيح. وقالوا: الطِّيخ: الخِفَّة، وهو بمعنى الطَّيش، قال الحارث: [فاتركوا الطَّيْخ والتَّعدّي وإمَّا*** تتعاشَوا ففي التَّعاشِي الدَّاءُ] (طير) الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في الهواءِ. ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرعة. من ذلك الطَّير: جمع طائر، سمِّيَ ذلك لما قُلناه. يقال طارَ يَطير طَيَراناً. ثمَّ يقال لكلِّ مَنْ خفَّ: قد طار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيرُ النَّاسِ رجلٌ مُمْسِكٌ بِعِنان فرسِهِ في سبيل الله، كلَّما سمِعَ هَيْعَةً طار إليها". وقال: * فَطِرْنَا إليهم بالقنابل والقَنَا* ويقال مِنْ هذا: تَطَايَرَ الشَّيءُ: تفرَّق. واستطار الفجر: انتشر. وكذلك كلُّ منتشِر. قال الله تعالى: {يَخَافُونَ يَوْمَاً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الدهر 7]. فأمَّا قولهم: تطيَّر من الشيء، فاشتقاقه من الطَّيرِ كالغراب وما أشبهه. ومن الباب: طائر الإنسانِ، وهو عمَلُهُ. وبئر مُطارَةٌ، إذا كانت واسعة الفم. قال: * هُوِيُّ الرِّيح في جَفْرٍ مُطارِ* ومن الباب: الطَّيْرة: الغضَب، وسمِّي كذا لأنَّه يُستطَار له الإنسان. ومن الباب قولهم: خذ ما تطَايَرَ من شعر رأسك، أي طال. قال: * وطارَ جِنّيُّ السَّنَامِ الأَطْوَلِ* (طيس) الطاء والياء والسين كلمةٌ واحدة. قال: * عددتُ قومِي كعَديدِ الطَّيْسِ* أراد به العدد الكثير. (طيش) الطاء والياء والشين كلمةٌ واحدة، وهي الطَّيْش والخِفَّة. وطاشَ السَّهم من هذا، إذا لم يُصِبْ، كأنَّه خَفَّ وطاشَ وطار. (طين) الطاء والياء والنون كلمةٌ واحدة، وهي الطِّين، وهو معروف. ويقال طيَّنْت البيتَ، وطِنت الكتابَ. ويقال طانَه الله تعالى على الخَيْر، أي جَبَله. وكأَنَّ معناه، والله أعلم، من طِنت الكتاب، أي ختمته؛ كأنَّه طبعه على الخير وختم أمرَهُ بهِ.
(طبخ) الطاء والباء والخاء أصلٌ واحد، وهو الطَّبخ المعروف، يقال طَبَخت الشَّيءَ أطبُخه طَبْخاً، وأنا طابخ، والشَّيء مطبوخ وطَبِيخ. والطُّبَّخ: جمع الطَّابخ. وقول العجّاج: * والله لولا أن تَحُشَّ الطُّبَّخُ* أراد به الملائكة الموكَّلين بالنَّار. ويقال لسَمائمِ الحرِّ: طبائخُه. وطابخة: لقبُ رجلٍ من العرب، لأنَّه طبخ طَبْخَاً فسمِّي بذلك. ويقال الطُّبَاخَة: ما فار من رُِغوة القِدر إذا طبخت، وهي الطُّفَاحة والفُوَارة. ويقال للحُمَّى الصَّالبِ: طابخ. ومما يُحمَلُ على هذا، ولعلّه أن يكون من الكلام المولَّد، قولهم: ليس به طَُباخٌ، للشّيء لا قُوَّةَ له، فكأنهم يريدون ما تناهى بَعدُ ولم ينضَج. ومما شذَّ عن الباب قولُهم، وهو من صحيح الكلام، لفَرخ الضبّ: مُطَبِّخ، وذلك إذا قوي. يقولون: هو حِسْل، ثم مطبِّخ، ثم خُضَرِمٌ، ثم ضَبّ. (طبس) الطاء والباء والسين ليس بشيء. على أنهم يقولون: الطَّبَسانِ: كُورتان. وهذا وشِبهه ممَّا لا معنى لذكره؛ لأنَّه إِذا ذكر ما أشبه كلُّه حُمِلَ على كلام العرب ما ليس هو منه. وكذلك قول من قال: إنَّ التَّطبيس: التَّطبين. (طبع) الطاء والباء والعين أصلٌ صحيح، وهو مثلٌ على نهايةٍ ينتهي إليها الشيء حتى يختم عندها يقال طبَعت على الشيء طابَعاً. ثم يقال على هذا طَبْعُ الإنسان وسجيَّتُه. ومن ذلك طَبَعَ اللهُ على قَلْب الكافر، كأنَّه ختم عليه حتى لا يصل إليه هُدىً ولا نُور، فلا يوفَّق لخير. ومن ذلك أيضاً طبْع السَّيف والدِّرهم، وذلك إذا ضربه حتى يكمّله. والطَّابع: الخاتم يُختَمُ به*. والطَّابِع: الذي يَختِم. ومن الباب قولُهم لملْءِ المِكيال طَبع. والقياسُ واحدٌ؛ لأنه قد تكامل وخُتم. وتطبَّع النَّهر، إذا امتلأ؛ وهو ذلك المعنى. وكذلك إذا حُمِّلت النّاقة حِمْلَها الوافِيَ الكاملَ، فهي مطبَّعة. قال: أينَ الشِّظاظانِ وأيْنَ المِرْبَعَهْ*** وأيْنَ وَسْقُ النَّاقَةِ المطبَّعهْ قال ابنُ السكِّيت: الطِّبع: النَّهر، والجمع: الطِّباع. قال: فتولَّوْا فاتراً مشيُهم*** كروايا الطِّبْع همَّتْ بالوَحَلْ ولعلَّ الذي قالُوه في وصف النّهر، أن يكون ممتلئاً، حتى يكون أقيس. ومما شذَّ عن هذا الأصل وقد يمكن أن يُقارَب بينهما، إلاَّ أنَّ ذلك على استكراه، قولهم للدَّنَس: طَبَع. يقال رجلٌ طَبِعٌ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استَعيذوا بالله من طمَعٍ يَهدِي إِلَى طَبَعٍ". وقال: له أكاليلُ بالياقوت فَصَّلَها*** صَوَّاغُها لا ترى عَيْبَاً ولا طَبَعا ومن هذه الكلمة قولهم للرجل إذا لم ينفُذْ في الأمر: قد طَبِعَ. (طبق) الطاء والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ واحد، وهو يدلُّ على وضع شيء مبسوط على مِثله حتى يُغطِّيَه. من ذلك الطَّبَق. تقول: أطبقْت الشيءَ على الشيء، فالأول طَبَق للثاني؛ وقد تطابَقَا. ومن هذا قولهم: أطبَقَ الناسُ على كذا، كأنَّ أقوالهم تساوَتْ حتى لو صُيِّرَ أحدُهما طِبْقاً للآخر لَصَلح. والطَّبَق: الحال، في قولـه تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق} [الانشقاق 19]. وقولهم: "إحدى بناتِ طَبَق" هي الدّاهية، وسمّيت طَبَقاً، لأنَّها تعمُّ وتشمل. ويقال لما علا الأرضَ حتى غطَّاها: هو طَبَق الأرض. ومنه قول امرئ القيس يصف الغيث: ديمةٌ هطلاءُ فيها وَطَفٌ*** طَبَقُ الأرضِ تَحَرَّى وتَدُرّْ وقولهم: طَبَّق الحقَّ، إذا أصابه، من هذا، ومعناه وافقه حتى صار ما أراده وَفْقاً للحقّ مطابِقاً لـه. ثم يُحمَل على هذا حتى يقال طبَّقَ، إذا أصاب المَفْصِل ولم يخطئْه. ثم يقولون: طَبَّقَ عُنقَه بالسيف: أبانَها. فأمَّا المُطابقة فمشْى المقيَّد، وذلك أن رجليه تقعانِ متقاربتين كأنَّهما متطابقتين. ومنه قول الجَعْدِيّ: * طِباقَ الكِلاَبِ يَطَأْنَ الهَرَاساَ* والطبَق: عظمٌ رقيق يفصل بين الفَقارتَين. ويد طَبِقة، إذا التزقَتْ بالجنْب. وطابقت بين الشيئين، إذا جعلتَهما على حَذْوٍ واحد. ولذلك سمَّينا نحن ما تضاعف من الكلام مرَّتين مُطابَقاً. وذلك مثل جَرجَر، وصَلْصَل، وصَعْصَع. والطَّبَق: الجماعة من الجراد؛ وإنما شبِّه ذلك بطبَقٍ يغطِّي الأرض. ويقالَ وَلدت الغنمُ طبقاً وطبقةً، إذا ولد بعضُها بعد بعض. والقياس في ذلك كله واحد. فأمَّا قولهم للعييِّ من الرِّجال: الطَّبَاقاء، وللبعير لا يُحسن الضِّرَابَ طَباقاءُ، فهو من هذا القِياس، كأنَّه سُتر عنه الشَّيءُ حتى أطبق فصار كالمغطَّى. قال جميل: طَبَاقاءُ لم يشهد خُصوماً ولم يَقُدْ*** رِكاباً إلى أكوارها حين تُعْكَفُ (طبل) الطاء والباء واللام ثلاث كلمات ليست لها طَُِلاَوَةُ كلامِ العرب، وما أدري كيف هي؟ من ذلك الطَّبل الذي يُضْرَب. ويقولون إنَّ الطّبل: الخَلْق. والثالثة الطُّوبالة، ولولا أنها جاءت في بعض الشِّعر ما كان لذكرها معنىً، وما أحسبها في غير هذا البيت: نَعَاني حَنَانهُ، طُوبالةً*** تُسَفُّ يبيساً من العِشْرِقِ ويقال هي النَّعْجة. (طبن) الطاء والباء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثباتٍ. ويقال اطبأنَّ، إذا ثبت وسكَن، مثل اطمأنَّ، ويقولون: طَبَنت النار: دفنتُها لئلا تَطفَأ، وذلك الموضعُ الطَّابون. ويقال طابِنْ هذه الحَفيرةَ: طاطئْها. ويقولون: إنَّ الخير في بني فلانٍ كثابت الطَّبْن، أي هو تليدٌ قديم. ومن الباب الطَّبَن، وهو الفِطْنة؛ وذلك قياس الباب، لأنَّ في ذلك كالثَّبات في العِلمِ به. (طبي) الطاء والباء والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على استدعاء شيء. من ذلك قولهم اطَّبى* بَنُو فُلانٍ فلاناً إذا خالُّوه وقَبَِلوه. وربما قالوا: طَبَاه واطَّباه، إذا دعاه، فإنْ حُمِلَ الطَّبيُ من أَطْبَاء النَّاقة، وهي أخلافها، على هذا وعلى أنَّه يُطَّبَى منه اللبن، لم يبعُد. وذُكر أن العرب تقول: هذا خِلْفٌ طِبِيٌّ، أي مُجيب. فإن كان هذا صحيحاً فهو يدلُّ على صحَّة القياس الذي قِسْناه.
(طثر) الطاء والثاء والراء أُصَيل صحيح يدلُّ على غَضارةٍ في الشَّيء وكثرةِ ندى. يقولون: فلان في طَثْرة من العَيش، أي في غَضارة. قالوا: واشتقاقه من اللبن الطاثر، وهو الخاثر. ويشبَّه بذلك فيقال للحَمْأة طَثْرة، وقياسُه ما ذكرناهُ. وسمِّيَ طَثْرَة من العَرب. ومما شذَّ عن الباب وما ندري كيف صحَّةُ هذا، قولهم: إنَّ الطَّيْثار: البعوض. والله أعلم.
(طجن) يقولون في الطاء والجيم والنون: إنَّ الطَّاجَن: الطَّابَق. وهو كلام، والله أعلم.
(طحر) الطاء والحاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الحَفز والرَّمْي والقذْف. يقولون: طَحَرَتِ العينُ قَذاها، إذا قذَفَتْ به. يقال طَحَرتْ عينُ الماء العِرمِضَ، إذا رمت به. وقوس مِطحَرٌ، إذا حَفَزت سَهْمَها فرمت به صُعُداً. وحربٌ مِطحرةٌ: زَبُون. والطَّحِير: النَّفَس العالي، وسمِّيَ بذلك لأنَّ صاحبه يَطحَر. قال الكميت: بأهازيجَ من أغانيِّها الجُـ*** ـشِّ وإتباعها الزَّفيرَ الطَّحِيرَا فأمَّا المُطْحَر من النِّصال، فهو المُطوَّل المسال. قال الهُذَليّ: * من مُطْحَراتِ الإِلالِ* (طحل) الطاء والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لونٍ غير صافٍ ولا مُشرقٍ. من ذلك الطُّحْلة، وهو لون الغُبْرة. ويقال رمادٌ أطحل، وشرابٌ أطحل، إذا لم يكن صافياً. والطِّحال معروف، وممكنٌ أن يكون سمِّيَ بذلك لكُدْرَةِ لونه. ويقال طَحِلَ الماء: فسد وتغيَّر. (طحم) الطاء والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع وتكاثف. من ذلك الطّحمة من النَّاس، وهي الجماعة الكثيفة. وطُحْمة اللَّيل وطَحْمَتهُ، وطُحْمة السَّيل وطَحمته: مُعْظَمه. قال الخليل: طَحْمَة الفتنة: جَوْلَةُ النَّاس عندها. ويقال للرَّجُل الشَّديد العِراك: طُحَمَة. والباب كلُّه واحد. (طحن) الطاء والحاء والنون أصلٌ صحيحٌ، وهو فتُّ الشيء ورَفْتُهُ بما يدور عليه من فوقِهِ. يقال طَحَنَتِ الرَّحَى طَحْناً. والطّحْن: الدَّقيق. ويقولون: "أسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً". والجعجعة: صوت الرَّحَى. ومن الباب: كتيبةٌ طَحُونٌ: تطحَنُ ما لَقِيَت. ويقال للأضراسِ الطَّواحِن. ومن الباب الطُّحَن: دويْبَّة تغيِّب نفسَها في ترابٍ قد سوَّتْهُ وأدارته.وَطَحَنتِ الأفعى، إذا تلوَّت مستديرة. (طحو) الطاء والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على البسط والمدِّ. من ذلك الطَّحْو وهو كالدَّحْو، وهو البَسْط. قال الله تعالى: {وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا}، أي بَسَطها، وقال تعالى في موضع آخر: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا}، ويقال طحا بك هَمُّكَ يطحو، إذا ذَهَبَ بك في الأمر ومدَّ بك فيه. قال علقمة: طحا بك قلبٌ في الحِسانِ طَروبُ*** بُعَيدَ الشَّبابِ عَصْرَ حان مشيبُ والمُدوِّمة الطَّواحِي: النُّسور تستدير حول القَتْلَى. وقال الشَّيْبَاني: طَحَيْت: اضطجَعْت. والطَّاحِي: الجمع الكثير، وسمِّيَ بذلك لأنَّهُ يجرُّ على الشيء، كما يسمَّى جرَّاراً. قال: * من الأَنَسِ الطاحِيْ عليكَ العَرمْرَمِ* والله أعلم.
(طخف) الطاء والخاء والفاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الشَّيء الرَّقيق. من ذلك الطَّخَاف، وهو الغَيم الرَّقيق. والطَّخْف كالهَمِّ يغشَى القلب. (طخر) الطاء والخاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خفّةٍ في شيء. من ذلك* الطَّخَارير: المتفرِّقون، يشبَّه بذلك الرَّجُل الخفيف الخَطَّاف. (طخي) الطاء والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظُلْمة وغِشاء، من ذلك الطَّخْوة والطَّخْية: السَّحابة الرَّقيقة. والطَّخْياء: اللَّيْلة المُظْلمة. ويقال ظلام طاخٍ. ومن الباب: وَجَدَ على قلبه طَخَاء، وهو شبه الكَرْب. ويقال: كَلَّمَني كلمةً طَخْياء، أي أعجَميّة. (طخم) الطاء والخاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سوادٍ في شيء. من ذلك الطُّخْمَة: سوادٌ في مقدَّمِ الأنفِ. يقال كبشٌ أطْخَمُ، وأسدٌ أطخَم. والله أعلم بالصواب.
(طرز) الطاء والراء والزاء كلمةٌ يظنُّ أنَّها فارسيّةٌ معرّبةٌ، وهي في شعر حَسَّان: بَيضُ الوُجوهِ كريمةٌ أحسابُهُمْ*** شمُّ الأنوفِ من الطِّرَازِ الأوّلِ ويقولون: طِرْزُه، أي هيئَتُه. (طرس) الطاء والراء والسين فيه كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. يقولون الطِّرْس: الكتاب الممحُوّ. ويقال: كلُّ صحيفةٍ طِرس. ويقولون: التَّطرُّس: أن لا يَطعَمُ الإنسانُ ولا يشربَ إلاَّ طيّباً. (طرش) الطاء والراء والشين كلمةٌ معروفةٌ، وهي الطَّرَش، معروف. وقال أبو عمرو: تطرَّش النَّاقِهُ من المرض، إذا قام وقعَد. (طرط) الطاء والراء والطاء كلمةٌ. يقولون الأطرط: الدَّقيق الحاجبين؛ وقد طرِطَ. (طرف) الطاء والراء والفاء أصلان: فالأوَّل يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرفهِ، والثاني يدلُّ على حركةٍ في بعض الأعضاء. فالأوَّل طَرَفُ الشيء والثوب والحائط. ويقال ناقةٌ طَرِفَة: ترعى أطرافَ المرعَى ولا تختلطُ بالنُّوق. وقولهم: عينٌ مطروفة، من هذا؛ وذلك أن يصيبَها طَرَف شيءٍ ثوبٍ أو غيره فتَغْرَوْرِقَ دمعاً. ويُستعار ذلك حتى يقال: طَرَفَها الحُزْن. فأمَّا قولُهم: هو كريم الطَّرَفين، فقال قومٌ: يُراد به نَسَب الأب والأمّ. ولا يُدْرَى أيُّ الطَّرَفين أطول، هو من هذا. وجمع الطَّرَف أطراف. قال: وكيف بأطرافي إذا ما شَتَمْتَنِي*** وما بعدَ شَتْمِ الوالدينِ صُلُوح ويقال إنَّ الطِّرَاف: ما يُؤخَذ من أطراف الزَّرع. ومن الباب: الطَّوَارِف من الخِباء، وهي ما رفعتَ من جوانبه لتنظُر، فأمَّا قولهم: جاء فلانٌ بطارفةِ عينٍ فهو من الذي ذكرناه في قولهم: طُرِفت العين، إذا أصابَها طَرَف شيءٍ فاغرورَقَتْ. وإذا كان كذا لم تكد تُبْصِر. فكذلك قولهم: بِطارِفةِ عينٍ، أي بشيءٍ تَتَحيَّر له العينُ من كَثْرتهِ. ومن الباب قولُهم للشيء المستحدَث: طريف؛ وهو خلافُ التَّليد، ومعناه أنَّهُ شيءٌ أُفِيدَ الآنَ في طَرَف زمانٍ قد مضى. يقولون منه اطَّرَفْتُ الشيءَ، إذا استحدثتَه، أطَّرِفه، اطِّرَافاً. ومن الباب: الرَّجُل الطَّرِف: الذي لا يثبُت على امرأةٍ ولا صاحب. وذلك القياسُ؛ لأنَّه يطلُب الأطراف فالأطراف. والمرأة المطروفة، يقولون إنَّها التي لا تثبُت على رجلٍ واحدٍ، بل تَطّرِف الرِّجال. وهو قولُ الحُطيئة: * بَغَى الودَّ من مطروفة الوُدِّ طامِحِ* ومن الباب الطِّرف: الفرس الكريم، كأنَّ صاحبَه قد اطّرَفه. وللمطَّّرَف فضلٌ على التَّليد. وأمَّا الأصل الآخر فالطَّرْف، وهو تَحريك الجفون في النَّظَر. هذا هو الأصل ثم يسمُّون العينَ الطَّرْف مجازاً. ولذلك يسمَّى نجمٌ من النُّجُوم الطَّرْفة، كأنَّه فيما أحسب طرْفُ الأسَد. قال جرير: إنَّ العيونَ التي في طَرْفِهَا مرضٌ*** قَتَلْنَنَا ثم لم يُحْيِينَ قتلانا فأما الطِّرَاف فإنه بيتٌ من أَدَم، وهو شاذٌّ عن الأصلين اللذين ذكرناهما. (طرق) الطاء والراء والقاف أربعة أصول: أحدها الإتيان مَسَاءً، والثاني الضَّرْب، والثالث جنسٌ من استرخاء الشيء، والرابع خَصْف شيء على شيء. فالأوَّلُ الطُّرُوق. ويقال إنَّه إتيان المنزلِ ليلاً. قالوا: ورجلٌ طُرَقَةٌ، إذا كان يَسْرِي حتى يطرُقَ أهلَهُ ليلاً.* وذُكِرَ أنَّ ذلك يقال بالنَّهار أيضاً، والأصل اللَّيل. والدَّليل على أنَّ الأصلَ اللَّيل تسميتُهم النَّجم طارقاً؛ لأنَّه يَطلُعُ ليلاً. قالوا: وكلُّ من أتى ليلاً فقد طَرَق. قالت: * نحنُ بناتُ طارق* وهو قول امرأةٍ. تريد: إنَّ أبانا نجمٌ في شرفه وعلوّه. ومن الباب، والله أعلم: الطَّريق، لأنه يُتَوَرَّدُ. ويجوزُ أن يكون من أصلٍ آخَر، وهو الذي ذكرناه من خَصْف الشيء فوق الشيء. ومن الباب الأوَّل قولهم: أتيتُه طَرْقَتين، أي مَرَّتين. ومنه طارِقةُ الرَّجُل، وهو فَخِذه التي هو منها؛ وسمِّيت طارقة لأنها تطرُقه ويطرُقها. قال: شكوت ذَهابَ طارقتي إليه*** وطارِقَتِي بأكناف الدُّرُوبِ والأصل الثَّاني: الضَّرْب، يقال طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً. والشيء مِطْرَق ومِطْرَقة. ومنه الطَّرْق، وهو الضَّرْب بالحصى تكهُّناً، وهو الذي جاء في الحديث النَّهْيُ عنه، وقيل: "الطَّرْق والعيافة والزَّجر من الجِبت". وامرأةٌ طارقةٌ: تفعل ذلك؛ والجمع الطَّوارق. قال: لعمرك ما تَدْرِي الطَّوَارِقُ بالحصى*** ولا زاجراتُ الطيرِ ما الله صانعُ والطرْق: ضرب الصُّوف بالقضيب، وذلك القضيبُ مِطرَقةٌ. وقد يفعلُ الكاهن ذلك فيطرُق، أي يخلط القُطْنَ بالصُّوفِ إذا تكهَّنَ. ويجعلون هذا مثلاً فيقولون: "طَرَقَ وماشَ". قال: عاذلَ قد أولِعتِ بالتّرْقيشِ*** إليَّ سِرّاً فاطرُقي ومِيشِي ويقال: طرَقَ الفحلُ الناقةَ طَرقاً، إذا ضربها. وطَروقةَ الفَحل: أنثاه. واستطرقَ فلانٌ فلاناً فَحَلَه، إذا طَلَبَه منه ليضربَ في إبله، فأطْرَقَه إِيّاه، ويقال: هذا النَّبْل طَرْقَةُ رجلٍ واحد، أي صِيغة رجلٍ واحد. والأصل الثالث: استرِخاء الشيء. من ذلك الطَّرَق، وهو لِينٌ في ريش الطائر. قال الشاعر: ...........***......... ومنه أطْرَق فلانٌ في نَظَره. والمُطْرِق: المسترخِي العَين. قال: وما كنتُ أخشَى أن تكون وفاتُه*** بكفَّيْ سَبَنْتَى أزرقِ العَينِ مُطْرِقِ وقال في الإطراق: فأطرَقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو يَرَى*** مَساغاً لِناباه الشجَاعُ لصَمَّما ومن الباب الطِّرِّيقة، وهو اللِّين والانقياد. يقولون في المثل: "إنّ تحت طِرِّيقَته لَعِنْدَأْوَةً". أي إنّ في لِينه بعضَ العُسر أحياناً. فأمَّا الطَّرَق فقال قوم: هذا اعوجاجٌ في الساق من غير فَحَج. وقال قوم: الطّرَق: ضَعف في الرُّكبتين. وهذا القول أَقْيَسُ وأشبه لسائر ما ذكرناهُ من اللِّينِ والاسترخاء. والأصل الرابع: خَصْفُ شيء على شيء. يقال: نعلٌ مُطارَقة، أي مخصوفة. وخُفّ مُطارَق، إذا كان قد ظُوهِر لـه نعلان. وكلُّ خَصْفةٍ طِراق. وتُرسٌ مُطرَّق، إذا طورِق بجلدٍ على قَدْره. ومن هذا الباب الطِّرْق، وهو الشحم والقُوّة، وسمِّي بذلك لأنّه شيءٌ كأنّه خُصِف به. يقولون: ما به طِرْق، أي ما به قُوّة. قال أبو محمد عبد الله بن مسلم: أصل الطِّرْق الشّحم؛ لأنّ القوّة أكثر ما تكون [عنه]. ومن هذا الباب الطَّرَق: مَناقع المياه؛ وإِنَّما سمِّيت بذلك تشبيهاً بالشيء يتراكبُ بعضهُ على بعض. كذلك الماء إذا دام تراكب. قال رؤبة: * للعِدِّ إذْ أخْلفَه ماءُ الطَّرَقْ* ومن الباب، وقد ذكرناه أوَّلاً وليس ببعيد أن يكون من هذا القياس: الطَّريق؛ وذلك أنَّه شيءٌ يعلو الأرضَ، فكأنَّها قد طُورِقَتْ به وخُصِفت به. ويقولون: تطارَقَت الإِبلُ، إذا جاءت يتبع بعضُها بعضاً. وكذلك الطَّرِيق، وهو النَّخْل الذي على صفٍّ واحد، وهذا تشبيهٌ، كأنَّه شُبِّه بالطَّرِيق في تتابُعه وعلوّه الأرض. قال الأعشى: ومِنْ كلِّ أحوَى كجِذْعِ الطَّريقِ*** يزينُ الفِناءَ إذا ما صَفَنْ ومنه [ريشٌ] طِراق، إذا كان تطارق بعضه فوقَ بعض، وخرج القومُ مَطارِيقَ، إذا جاؤوا مُشاةً لا دوابَّ لهم، فكأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَخْصِف بأثر قدَميه أثَر الذي تقدَّم. ويقال: جاءت الإِبلُ على طَرْقَة واحدة، وعلى خُفٍّ واحد؛ وهو الذي ذكرناه من أنَّها*تَخصف بآثارها آثارَ غيرها. واختضَبت المرأةُ طَرْقَتينِ، إذا أعادت الخِضاب، كأنَّها تَخصِف بالثَّاني الأوَّل. ثم يشتقُّ من الطَّريق فيقولون: طَرَّقت المرأةُ عند الوِلادة، كأنَّها جَعلتْ للمولودِ طريقاً. ويقال ـ وهو ذلك الأوَّل ـ لا يقال طَرَّقت إلاَّ إذا خرج من الولد نصفُه ثمَّ احتبَس بعضَ الاحتباسِ ثمَّ خرج. تقول: طرّقت ثم خلَصت. وممّا يُشْبِه هذا قولُهم طَرَّقت القطاة، إذا عَسُر عليها بيضُها ففحصت الأرضَ بجُؤجُئِها. (طرم) الطاء والراء والميم أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على تراكُمِ شيءٍ. يقولون: الطُّرَامة: الخُضْرَة على الأسنان. ويقولون: الطِّرْم: العَسَل. والطِّرْيَم: السَّحاب الغليظ. (طري) الطاء والراء والحرف المعتلُّ أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على غضاضةٍ وجِدّة. فالطَّرِيّ: الشيء الغَضّ؛ ومصدره الطَّرَاوة والطَّراءة، ومنه أَطْرَيْتُ فلاناً، وذلك إذا مدحتَهُ بأحسنِ ما فيهِ. فإذا هُمِزَ قيل طرَأَ فلانٌ، إذا طلع. وأحسَِب هذا من باب الإبدال، وإنّما الأصل دَرَأ وقد ذُكِر. (طرب) الطاء والراء والباء أُصَيْلٌ صحيحٌ. يقولون: إنَّ الطّرَب خِفّة تُصيب الرَّجُلَ من شدةِ سرور أو غيره. ويُنشدون: وقالوا قد طرِبْتَ فقلتُ كلاَّ*** وهل يبكي من الطَّرَبِ الجليدُ وقال نابغة بني جعدة: وأُراني طَرِبَاً في إِثْرِهمْ*** طرَبَ الوالهِ أو كالمُخْتَبَلْ قالوا: وطرَّب في صوته، إذا مدَّه. وهو من الأوَّل. والكريم طَروبٌ. ومما شذَّ عن هذا الباب المَطَارِب؛ وهي طرقٌ ضيِّقة متفرِّقةٌ. وأراها من باب الإبدال، كأنها مدارب، مشتقة من الدَّرْب. وأمَّا قولهم في الطُّرْطُبّ، إنَّه الثَّدي المسترخِي، وكذلك الطَّرْطَبَة: صوت الحالب بالمِعزى، فكلُّه وما أشبهه كلام. (طرث) الطاء والراء والثاء كلمةٌ صحيحةٌ، وهي الطَُّـَرثُوث، وهي نبْت. (طرح) الطاء والراء والحاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نَبْذ الشَّيءِ وإِلقائِهِ. يقال طَرَحَ الشَّيْءَ يطرحُه طرحا. ومن ذلك الطَّرَح، وهو المكان البعيد. وطَرَحتِ النَّوَى بفلانٍ كلَّ مَطرَحٍ، إذا نأتْ به ورمت به. قال: أَلِمَّا بميٍّ قبل أن تطرَحَ النَّوى*** بنا مَطْرَحاً أو قبل بينٍ يُزِيلُها ويقال فحل مِطْرَحٌ؛ بعيدُ موقع الماءِ في الرَّحِم. ومن الباب: نخلةٌ طروحٌ: طويلة العَراجين. وسَنامٌ إطريحٌ: طويلٌ. وقوسٌ طَروح: شديدة الحفْزِ للسَّهم. والقياس في كلِّه واحد. (طرد) الطاء والراء والدال أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على إبعاد. يقال طردْتهُ طرداً. وأَطْرَدَه السُّلطانُ وطَرَّدَه، إذا أخرجه عن بلده. والطَّرْد: معالجة أخْذ الصّيد. والطرِيدة: الصَّيْد. ومُطارَدَة الأقرانِ: حملُ بعضِهم على بعض؛ وقيل ذلك لأنَّ هذا يَطْرُد ذاك. والمِطْرَد: رمح صغير. ويقال لمحَجّة الطَّريق مَطْرَدَة. ويقال: اطَّرد الشَّيء اطراداً، إذا تابَعَ بعضُه بعضاً، وإِنما قيل ذلك تشبيهاً، كأنَّ الأوَّل يطرُدُ الثَّاني. ومنه قولُه: أتعرِف رسماً كاطِّراد المذاهبِ*** لعمرةَ وحشَّا غيرَ موقفِ راكبِ ومُطَّرَدُ النَّسيم: الأنْف. أنشدَنا علي بن إبراهيم القَطَّان، عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيّ: وكأنَّ مُطّرَدَ النَّسيم إذا جَرَى*** بعد [الكلالِ خليَّتَا زُنبورِ واطرَدَ] الأمر: استقام. وكلُّ شيءٍ امتدَّ فهذا قياسُهُ. يقال طرِّدْ سَوْطَكَ: مدِّدْه. والطَّرِيد: الذي يُولَد بعد أخيه، فالثَّاني طريدُ الأوَّل. وهذا تشبيه، كأنَّه طرَدَه وتَبِعه، وطريدٌ بمعنى طارِد.
هذا بابٌ يضيقُ الكلام فيه، على أنهم يقولون الطَّزِع؛ الرَّجُل لا غَيْرة له. والله أعلم.
(طست) الطاء والسين والتاء ليس بشيء، إلاَّ الطَّسْت، وهي معروفة.
(طسأ) الطاء والسين والهمزة كلمةٌ واحدةٌ. يقولون: طَسِئَتْ نفسي فهي طَسِئة. (طسل) الطاء*والسين واللام فيه كلمات، ولعلَّها أن تكون صحيحة غير أنَّها لا قِياس لها. يقولون: الطَّسْل: اضطراب السَّراب. والطَّيْسَل: الكثير، يقال ماءٌ طَيْسَل. ويقولون: الطَّيْسَل: الغُبار. (طسم) الطاء والسين والميم كلمةٌ واحدةٌ. يقال: طَسَمَ، مثل طَمَسَ. وطََسْم: قبيلةٌ من عاد.
من ذلك (الطَّلَنْفح)، وهو السَّمِين. وهذا إنِّما هو تهويلٌ وتقبيحٌ، والزائد فيه اللام والنون، وهو من طفح، إذا امتلأَ. ومنه السَّكران الطَّافح، وقد مرَّ. ومن ذلك (الطُّحْلب)، معروف. والباء فيه زائدة، وإنّما هو من طَحَل، وهو من اللَّون. وقد ذكرناه. ومن ذلك (طَحْمَر)، إذا وَثَب، والحاء زائدة، وإِنَّما هو طمر. ومن ذلك (طَرْمَحَ) البناء: أطاله. ومنه اسم الطِّرِمّاح. والأصل فيه الطَّرَح، وهو البعيدُ والطَّوِيل، وقد فسرناه. ومن ذلك (طَرْفََشَتْ) عينُه: أظلَمَتْ. والشّين زائدة، وأصله من طُرِفَت: أصابها طَرَفُ شيءٍ فاغرورقَتْ، وعند ذلك تُظْلِمُ، وقد مرَّ. ومن ذلك (الطلخف): الشديد. واللام زائدة، وهو الطَّخَف، وهو الشِّدَّة. ومن ذلك (الطُّلْخُوم)، وهو الماء الآجِن. والميم زائدة، وإنما هو من الطّلْخ، وقد ذكرناه. ومن ذلك الشَّباب (المُطْرَهِمّ). وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله مُطَهَّمٌ، وقد مضى. ومن ذلك قولهم: ما في السماء (طَحْرَبة)، أي سحابة، والباء زائدة، كأنَّه شيءٌ يَطْحَر المطرَ طَحْراً، أي يدفعُه ويرمِي به. ومن ذلك الرَّغِيف (الطَّملَّس): الجافّ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: طَلَسَ وطَمَسَ، وكلاهما يدلُّ على ملاسةٍ في الشيء. ومما وُضِعَ ولا يكاد يكون له قياس: (الطَّفَنَّش): الواسع صُدورِ القَدَمين. و(طَرسَم) الرَّجُّل: أطرق. و(الطِّرْفِسَانُ): الرَّملة العظيمة. (والطّثْرَج) فيما يقال: النَّمْل. قال: * أَثْرٌ كآثارِ فِراخ الطَّثْرَجِ* و(طَلْسَم) الرَّجُلُ: كرَّه وجهَه. ويقولون: (الطِّلْخام): الفِيل. و(اطْرَخَمَّ): تَعَظَّمَ. ويقولون: (الطُّمْرُوس): الكذَّاب. و(الطُّرْمُوس) خُبز المَلَّة؛ و(الطِّرْمِساء): الظلمة. ويجوز أن تكون هذه الكلمة مما زيدت فيه الرَّاء، كأنَّها من طَمَس. ويقولون: (طَرْبَلَ) الرَّجُل، إذا مدَّ ذُيولَه. وكلُّ الذي ذكرناه مما لا قياس له، وكأنَّ النّفس شاكّة في صحّته، وإن كنّا سمعناه. والله أعلم بالصواب. (تم كتاب الطاء)
(ظل) الظاء واللام أصلٌ واحد، يدلُّ على ستر شيءٍ لشيءٍ، وهو الذي يُسمَّى الظّلّ. و[كلمات] البابِ عائدةٌ إليهِ. فالظِّل: ظِلّ الإنسان وغيرِه، ويكونُ بالغداةِ والعَشيّ، والفيءُ لا يكون إلا بالعشيّ. وتقول: أَظلَّتْني الشَّجرة. وظِلٌّ ظليل: [دائمٌ]. واللَّيل ظِلٌّ. قال: قد أَعْسِفُ النّازحَ المجهولَ مَعْسِفُه*** في ظل أخضَرَ يدعو هامَهُ البومُ يريدُ في سترِ ليلٍ أخضر. وأظَلَّكَ فلانٌ، كأنَّه وقاكَ بِظلِّه، وهو عزُّه ومَنَعَتُهُ. والمِظَلَّةُ معروفة. وأَظَلَّ يومُنا: دامَ ظِلُّه، ويقال إنَّ الظُّلَّة: أوّلَ سحابةٍ تُظِلّ. والظُّلَّة: كهيئةِ الصُّفَّةِ. قال الله تعالى: {وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ} [الأعراف 170]. ومن الباب قولهم: ظلَّ يفعل كذا، وذلك إذا فعله نهاراً. وإنما قلنا إنّه من الباب لأنَّ ذلك شيءٌ يخصّ به النهار، وذلك أن الشيء يكون له ظلٌّ نهاراً، ولا يقال ظلَّ يفعلُ كذا ليلاً؛ لأنّ الليلَ نفسه ظِلّ. ومن الباب، وقِياسُهُ صحيح: الأَظَلّ، وهو باطنُ خُفِّ البعيرِ. ويجوز أن يكون كذا لأنَّه يستُر ما تحتَه، أو لأنَّه مُغَطَّى بما فوقه. قال: * في نَكِيبٍ مَعِرٍ دامِي الأَظَلّ*. فأمَّا قول الآخر: * تشكو الوَجَى من أَظْلَلٍ* وَأَظلَلِ* فهو الأظلّ، لكنه أظهر التَّضْعِيفَ ضرورة. (ظن) الظاء والنون أُصَيْل صحيحٌ يدلُّ على معنينِ مختلفين: يقين وشكّ. فأمَّا اليقين فقولُ القائل: ظننت ظناً، أي أيقنتُ. قال الله تعالى: {قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ} [البقرة 249] أرادَ، والله أعلم، يوقِنون. والعربُ تقول ذلك وتعرفه. قال شاعرهم: فقلت لهم ظُنُّوا بأَلَْفَيْ مُدَجَّجٍ*** سراتُهم في الفارسيِّ المُسَرَّدِ أراد: أيقِنُوا. وهو في القرآن كثير. ومن هذا الباب مَظِنَّة الشيء، وهو مَعْلَمه ومكانُه. ويقولون: هو مَظِنَّةٌ لكذا. قال النَّابغة: * فإنَّ مَظِنَّة الجهلِ الشَّبابُ* والأصل الآخر: الشَّك، يقال ظننتُ الشيءَ، إذا لم تتيقّنْه، ومن ذلك الظِّنَّة: التُّهْمَةَ. والظَّنِين: المُتّهم. ويقال اظَّنَّنِي فلانٌ. قال الشاعر: ولا كُلُّ من يَظَّنُّنِي أنا مُعْتِبٌ*** ولا كُلُّ ما يُرْوَى عليَّ أَقُول وربَّما جُعلت طاء، لأنَّ الظَّاء أُدغمت في تاء الافتعال. والظَّنُون: السَّيِّئُ الظنّ. والتَّظَنِّي: إِعمال الظَّنّ. وأصل التظَنِّي التظنُّن. ويقولون: سُؤت به ظنَّاً وأسأْت به الظّنّ، يدخلون الألف إذا جاؤوا بالألف واللام. والظَّنُون: البِئر لا يُدرَى أَفيها ماءٌ أمْ لا. قال: ما جُعِلَ الجُدُّ الظُّنُونُ الذي*** جُنِّبَ صَوبَ اللّجِبِ الماطرِ والدَّيْن الظَّنُون: الذي لا يُدرى أيقضى أم لا. والباب كلُّه واحد. (ظب) الظاء والباء ما يصحُّ منه إلاَّ كلمةٌ واحدةٌ، يقال ما به ظَبْظَابٌ، أي مابه قَلَبَة، قال ابن السكِّيت: ما به ظبظابٌ، أي ما به عيبٌ ولا وَجع. قال الراجز: * بُنَيَّتي ليس بها ظبظابُ* ويقولون: الظَّباظِب: صليل أجواف الإِبل من العطش؛ وليس بشيءٍ؛ وقيل: هو تصحيف، وهو بالطّاء. فأمَّا الذي في الكتاب الذي للخليل: أنَّ الظَّابَّ السِّلْف فأراه غلط على الخليل. لأنَّ الذي سمعناه الظَّأْب، بالتخفيف، وقد ذُكر في بابه. (ظر) الظاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على حَجَرٍ محدَّد الطَّرَف. يقولون: إنَّ الظُّرَر: حجرٌ محدَّد صُلب، والجمع ظِرَّانٌ. قال: بِجَسْرَةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجيةٍ*** إذا توقَّدَ في الدّيمومةِ الظُرَرُ وأظرَّ الرَّجُل: مَشَى على الظرَار. ويقولون: "أَظِرِّيَ إِنَّك ناعلة". يقولون: امْشِي على الظُّرَر، فإنَّ عليك نَعلين، يُضرَب مثلاً لمن يُكلَّف عملاً يقوَى عليه. ويقال المَظَرّةُ: الحجر يُقدح به، ويقال بل هو حجرٌ يُقطع به شيءٌ يكون في حياة النّاقةِ كالثُؤلول. ويقال أرضٌ مَظَرَّةٌ: كثيرة الظُّرَر. ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: اظْرَوْرَى، أي انتفخ. والله أعلم.
(ظعن) الظاء والعين والنون أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على الشُّخوص من مكانٍ إلى مكان. تقول: ظَعَنَ يظعَن ظَعْناً وظَعَنَاً، إذا شَخَصَ. قال الله سبحانه: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ}. والظَّعينة، ممَّا يقال فيه فقال قوم: هي المرأة، وقال آخرُونَ: الظَّعائِنُ الهوادِجُ، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وهذا أصحُّ القولين؛ لأنَّه من أدوات الرَّحِيل. والظَّعُون: البعير الذي يُعَدُّ للظَّعْن. ومن الباب الظِّعَان، وهو الحبل الذي يُشَدُّ به القَتَبُ على البعيرِ، وسمِّيَ بذلك ظِعَاناًلأنه أحدُ أدواتِ السَّير والظّعن. قال: له عُنقٌ تُلوِي بما وُصِلَت به*** وَدفَّانِ يشتفّان كلَّ ظِعَانِ
(ظفر) الظاء والفاء والراء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدُهما على القَهر والفَوز والغَلَبة، والآخر على قُوَّةٍ في الشيءِ. ولعلَّ الأصلين يتقاربان في القياس. فالأوّل الظَّفَر، وهو الفَلْج والفَوْز بالشَّيء. يقال ظَفِرَ يظفَرُ ظَفَراً. والله تعالى أَظْفَرَه. وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح 24]. ورجل مُظَفَّر. والأصل الآخَر الظُّفْرُ ظُفْرُ الإنسان. ويقال ظَفَّرَ في الشَّيء، إذا جعل ظُفْره*فيه. ورجلٌ أظفَرُ، أي طويل الأظفار، كما يقال أَشْعَر أي طويل الشَّعر. ويقال للمَهِين: هو كَليل الظُّفر. وهذا مَثلٌ. قال طَرفة: لا كليلٌ دالفٌ من هَرَمٍ*** أَرْهَبُ اللّيلَ وَلا كَلُّ الظّفُرْ ويقال ظَفَّرَ النَّبتُ تظفيراً، إذا طَلَعَ. وذاك أن يَطْلُع منه كالأظفار بقوّة. وأمّا قولهم في الجُلَيدة تغشى العَين ظَفَرة، فذلك على طريق التَّشبيهِ. ويقال ظُفِرت العينُ، إذا كان بها ظفَرة. قال أبو عُبيدٍ: وهي التي يقال لها ظُفْر. ومن الباب ظُفْر القَوس، وهما الجزءان اللذان يكون فيهما الوَتَر في طرفَيْ سِيَتَي القَوس. وربَّما قالوا الظَّفَرة: ما اطمأنَّ من الأرض وأنبَت. وهذا أيضاً تشبيه. والأظفار: كواكِبُ صغار، وهي على جهة الاستعارة. فأمَّا ظَفَارِ، وهي مدينةٌ باليمن، فممكن [أن تكون] من بعض ما ذكرناه، والنسبة إليها ظَفَارِيٌّ. والله أعلم.
(ظلع) الظاء واللام والعين أُصَيْلٌ يدلُّ على مَيْل في مَشي. يقال: دابَّةٌ بِهِ ظَلْعٌ، إذا كانَ يَغمِز فيميل. ويقولون: هو ظالع، أي مائلٌ عن الطَّريقِ القويم. قال النابغة: أتُوعِدُ عبداً لم يخُنْكَ أمانةً*** وتَتْرُكَ عبداً ظالماً وهو ظالعُ
(ظلف) الظاء واللام والفاء أصل صحيحٌ يدلُّ على أدنى قوّةٍ وشِدّة. من ذلك ظِلْف البَقرة وغيرِها. ورُبَّما استُعير للفرسِ. قال: * وَخَيلٍ تَطَأْكُمْ بأظلافها* وإذا رميتَ الصَّيْدَ فأصبتَ ظِلفه قلت: قد ظَلَفْتُهُ، وهو مظلوف. والظّلف والظَّليف: كلُّ مكانٍ خَشِن. وقال الأمويّ: أرضٌ ظَلِفَةٌ: غليظة لا يُرَى أثرُ مَنْ مشَى فيها، بيِّنة الظَّلَف. ومنه أُخذ الظَّلَف في المعيشةِ. وقول الناس: هو ظَلِفٌ عن كذا، يراد التشدُّد في الورع والكَفُّ، وهو من هذا القياس. وأمَّا حِنْو القَتَب فسمِّيَ ظَلِفة لقُوَّتِه وشدَّته. ويقال أخذ الجزورَ بظَلَفها وظَلِيفتها، أي كلّها. (ظلم) الظاء واللام والميم أصلانِ صحيحانِ، أحدهما خلافُ الضِّياء والنور، والآخَر وَضْع الشَّيءِ غيرَ موضعه تعدِّياً. فالأوَّل الظُّلْمة، والجمع ظلمات. والظَّلام: اسم الظلمة؛ وقد أظْلَمَ المكان إظلاماً. ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم: لقيته أوَّلَ ذِي ظُلْمة. قال: وهو أوَّلُ شيءٍ سَدَّ بصرَك في الرُّؤْية، لا يشتقُّ منه فِعل. ومن هذا قولهم: لَقيته أدنى ظَلَمٍ، للقريب. ويقولونه بألفاظٍ أُخَرَ مركبةٍ من الظاء واللام والميم، وأصل ذلك الظُّلمة، كأنَّهم يجعلون الشَّخْصَ ظُلْمَةً في التشبيهِ، وذلك كتسميتهم الشَّخصَ سواداً. فعلى هذا يُحمل الباب، وهو من غريب ما يُحمل عليه كلامُهم. والأصل الآخَر ظلَمَه يظلِمُه ظُلْماً. والأصل وضعُ الشَّيْءِ [في] غير موضعه؛ ألا تَراهم يقولون: "مَنْ أشْبَهَ [أباه] فما ظَلَمَ"، أي ما وضع الشَّبَه غيرَ موضعه. قال كعب: أنا ابنُ الذي لم يُخْزِني في حياته*** قديماً ومَنْ يشبهْ أباهُ فما ظلمْ ويقال ظَلَّمت فلاناً: نسبتُه إلى الظُّلم. وظَلَمْتُ فلاناً فاظَّلَم وانظلم، إذا احتملَ الظُّلْم. وأُنشد بيت زُهَير: هو الجوادُ الذي يُعطيك نائلَهُ*** عَفْواً ويُظْلَمُ أحياناً فَيَظَّلِمُ بالظاء والطاء. والأرض المظلومة: التي لم تُحفَر قطُّ ثمَّ حفرت؛ وذلك التُّرابُ ظَليم. قال: فأصبح في غَبْراءَ بعد إِشاحةٍ*** على العيشِ مردودٍ عليها ظليمُها وإِذا نُحِرَ البعيرُ من غيرِ عِلَّةٍ فقد ظُلِمَ. ومنه قوله: عادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ وكان بها*** هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاَّمون للجُزُرِ والظُّلاَمة: ما تطلبه من مَظْلِمَتك عند الظَّالم. ويقال: سقانا ظَلِيمَةً طيِّبة. وقد ظَلَمَ وطْبَه، إِذا سَقَى منه قبل أن يروبَ ويُخرِج زُبَده. ويقال لذلك اللَّبن ظليمٌ أيضاً. قال: وَقائِلةٍ ظلمتُ لكم سِقائي*** وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّليمُ والله أعلم بالصَّواب.
(ظما) الظاء والميم والحرف المعتل والمهموز أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ذبولٍ وقلّة ماء. من ذلك: الظَّمَا، غيرمهموز: قلّة دم اللِّثة. يقال امرأةٌ ظمياء اللثاث. وعينٌ ظمياء: رقيقة الجَفن. ثم يحمل عليه فيقال ساقٌ ظمياء: قليلة اللحم. ومن المهموز: الظَّمَأ، وهو العطش، تقول: ظمئت أظمأ ظمَا. فأما الظِّمْء فما بين الشَّربتين. والقياس في ذلك كلِّه واحد. ويقولون: رمحٌ أظْمَى: أسمر رقيق. وإنما صار كذلك لذهاب مائه.
(ظنب) الظاء والنون والباء كلمةٌ صحيحةٌ، وهو العظم اليابس من ساقٍ وغيره، ثم يتمثَّل به فيقال للجادِّ في الأمر: قد قرع ظنبوبَه. وقول سلامةَ بنِ جندل: كُنَّا إِذا ما أَتَانا صارخٌ فزع*** كان الصُّراخُ له قَرعَ الظَّنابِيبِ فقال قومٌ: تقرع ظنابيب الخيل بالسِّياط ركضاً إلى العدوِّ. وقال قوم: الظُّنْبوب: مسمار جُبَّة السِّنَان، أي إِنَّا نركِّب الأسنّة.
(ظهر) الظاء والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قوّةٍ وبروز. من ذلك ظَهَرَ الشيءُ يظهرُ ظهوراً فهو ظاهر، إذا انكشفَ وبرزَ. ولذلك سمِّيَ وقت الظُّهرِ والظَّهيرة، وهو أظهر أوقات النّهار وأَضْوَؤُها. والأصل فيه كلّه ظهر الإنسان، وهو خلافُ بطنه، وهو يجمع البُروزَ والقوّة. ويقال للرِّكاب الظَّهر، لأنَّ الذي يَحمِل منها الشيءَ ظهورُها. ويقال رجلٌ مظهَّر، أي شديد الظَّهْر. ورجلٌ ظَهِر: يشتكي ظهره. ومن الباب: أظهرْنا، إذا سرنا في وقت الظُّهْرِ. ومنه: ظهرتُ على كذا، إذا اطلَّعتَ عليه. والظَّهِير: البعير القويّ. والظَّهيرِ: المُعين، كأنَّه أسندَ ظَهْرَه إلى ظهرك. والظُّهور: الغَلبة. قال الله تعالى: {فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِين} [الصف 14]. والظَّاهرة: العين الجاحظة. والظِّهار: قولُ الرَّجل لامرأته: أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أُمِّي. وهي كلمةٌ كانوا يقولونها، يريدونَ بها الفراق. وإِنَّما اختصُّوا الظَّهْر لمكان الرُّكوب، وإلاَّ فسائر أعضائِها في التَّحريمِ كالظَّهْرِ. والظُّهار من الرِّيش: ما يظهر منه في الجَناح. والظِّهريُّ: كلُّ شيءٍ تجعله بظَهْرٍ، أي تنساه، كأَنَّكَ قد جعلتَه خلف ظهرِكَ، إِعراضاً عنه وتركاً لـه. قال الله سبحانه: {وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً} [هود 92]. وقد جعل فلانٌ حاجتي بظهرٍ، إذا لم يُقْبِل عليها، بل جعلها وراءه. وقال الفرزدق: تميمَ بنَ بدر لا تكوننَّ حاجتي*** بظهرٍ فلا يَخْفَى عليكَ جوابُها ومن الباب: هذا أمرٌ ظاهرٌ عنك عارُهُ. أي زائل، كأنَّهُ إذا زالَ فقد صارَ وراء ظهرك. وقال أبو ذؤيب: وعَيَّرَها الواشون أنِّي أحبُّها*** وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها ويقولون: إنَّ الظَّهَرَة: متاع البيت. وأحسب هذه مستعارة من الظَّهر أيضاً؛ لأنَّ الإنسان يستظهِر بها، أي يتقوَّى ويستعين على ما نابَه. والظَّاهرة: أن ترِدَ الإِبلُ كلَّ يومٍ نصفَ النَّهار. ويقولون: سلكْنا الظًَّهْر: يريدون طريقَ البَرِّ، وذلك لظهورهِ وبروزه. ويقولون: جاء فلانٌ في ظَهْرَته وناهضتِهِ، أي قومه. وإِنّما سُمُّوا ظَهْرَةً لأنَّه يتقوَّى بهم. وقريشُ الظَّواهِر سُمُّوا بذلك لأنهم ينزلون ظاهرَ مكة. قال: * قُريشِ البطاحِ لا قريشِ الظَّواهِرِ* وأقران الظَّهْر: الذين يجيئون من ورائك. وحكى ابن دريد: "تظاهر القوم، إذا تدابَرُوا، وكأنَّه من الأضداد". وهذا المعنى الذي ذكره ابن دريد صحيح؛ لأنَّه أراد أنَّ كلّ واحدٍ منهما أدبَرَ عن صاحبهِ، وجعل ظهرَهُ إليهِ. والله أعلم.
(ظأر) الظاء والهمزة والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على العطف والدنُوّ. من ذلك الظِّئر. وإِنّما* سمِّيت بذلك لعَطْفها على من تُربيِّه. وأظَّأَرت لولدي ظِئْرا، كما مرَّ في اظَّلم بالظَّاء. والظُّؤُور من النُّوق: التي تعطف على البَوّ. وظأَرَنِي فلانٌ على كذا، أي عطَفَني. والظَّؤَار تُوصَفُ به الأثافيّ، كأنَّها متعطِّفة على الرَّماد. والظِّئار: أن تُعالَج النَّاقة بالغِمامةِ في أنفها لكي تَظْأَر. وقولهم: "الطَّعْن يَظْأَر"، أي يَعطِف على الصُّلح. ويقال ظِئر وظُؤَار، وهو من الجمع الذي جاءَ على فُعال، وهو نادر. (ظأب) الظاء والهمزة والباء كلمتان متباينتان: إحداهما الظّأب، وهو سِلْف الرَّجُل. والأُخرى الكلام والجَلَبَة. قال: يَصُوعُ عُنوقَها أَحوَى زنيمٌ*** له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَريمُ (ظأم) الظاء والهمزة والميم من الكلام وَالجَلبَة، وهو إبدال. فالظَّأْم والظأب بمعنىً. والله أعلم.
(ظبي) الظاء والباء والحرف المعتل كلمتان، إحداهما الظَّبْي، والأخرى ظُبَةُ السيف، وما لواحدةٍ منهما قياس. فالظَّبْي: واحدُ الظِّباء، معروف، والأنثى ظَبية، وقد يُجمع على ظُِبىً. وإذا قَلَّتْ فهي أظْبٍ. و[أمَّا ما] جاء في الحديث: "إذا أتيتَهُم فاربِضْ في دارِهمْ ظَبْيَاً". فإنّه يقول: كن آمِناً فيهم كأنَّك ظَبْيٌ آمن في كِناسِه لا يرى أنيساً. ويقولون: به داءُ ظبْيٍ. قالوا: معناه أنَّه لا داءَ به، كما لا داءَ بالظبْي. قال: لا تَجهَمينا أمَّ عمروٍ فإِنَّنا*** بنا داءُ ظبيٍ لم تَخُنْهُ قوائمُه والظَّبْيَة على معنى الاستعارة: جَهازَ المرأة، وحياءُ النَّاقة. والظَّبْية: جِرَاب صغير عليه شَعر. وكلُّ ذلك تشبيه. وأمَّا الأصلُ الآخَر فالظُّبَة: حَدُّ السيف، ولا يُدرى ما قياسُها، وتجمع على ظُبِين وظُباتٍ. قال قومٌ: هو من ذواتِ الواو، وهو من قولنا ظَبَوْت. وهذا شيءٌ لا تدُلُّ عليه حُجّة. وقال في جمعِ ظِبةٍ ظِبين: يرى الرَّاؤونَ بالشَّفَرات منها*** كَنَارِ أبي حُباحِبَ والظُّبينا
(ظرف) الظاء والراء والفاء كلمةٌ كأنَّها صحيحة. يقولون: هذا وعاء الشيء وظَرْفُه، ثمَّ يسمُّون البراعةَ ظَرْفاً، وذكاءَ القَلْبِ كذلك. ومعنى ذلك أنّه وعاءٌ لذلك. وهو ظريفٌ. وقد أظْرَفَ الرَّجُلُ. إذا وَلَد بنين ظُرَفاء. وما أحسبُ شيئاً من ذلك من كلام العرب. (ظرب) الظاء والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شيءٍ ثابتٍ أو غير ثابت مع حِدَّةٍ. من ذلك الظِّرَاب، وهو جمع ظَرِب، وهو النّابت من الحجارة مع حدَّة في طرَفه. ويقال: [إنَّ الأظراب: أسناخُ الأسنان. ويقال: بل] هي الأربعة خلف النَّواجذ. وأمَّا ابنُ دريد فزعم أنَّ الأظراب في اللّجام: العُقَد التي في أطراف الحديدة. وأنشد: * بادٍ نواجذُهُ على الأظرابِ * ويقال: إنَّ الظُّرُبَّ: القصير اللَّحيم، وهذا على التَّشبيهِ. قال: * لا تَعْدِلِيني بظُرُبٍّ جَعْدِ* والظَّرِبانُ: دُوَيْبَّة. لم نجد إلى وقتنا شيئاً. تم كتاب الظاء، والله أعلم بالصواب.
|